نجحت الشعلة الاولمبية التي تحمل مكانة رمزية أمس الاربعاء في المرور بأمان عبر مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية رغما عن أنف الاحتجاجات المستمرة ضد جولة شعلة دورة الالعاب الاولمبية لعام 2008 ببكين.
ولجأ المسؤولون إلى العديد من الحيل لابعاء الشعلة عن آلاف المتظاهرين الذين اصطفوا على جانبي الطريق الرسمي الذي كان مقررا للشعلة أن تسير فيه بالمدينة الامريكية حيث أخفيت الشعلة داخل مستودع ونقلت بصورة سرية داخل حافلة ثم زورق شرطة وعربة برمائية ، وحملها عداءون بعيدا من الطريق الذي كان مقررا أن تسلكه.
وأخيرا ، ألغى المسئولون حفل توديع الشعلة ونقلوها سرا إلى مطار المدينة حيث سافرت في هدوء إلى الارجنتين ، محتطها التالية بجولتها العالمية التي شهدت العديد من المظاهرات الاحتجاجية ضد القمع الصيني في التبت وسياسات الدولة الاسيوية الاخرى في قضايا حقوق الانسان.
ونجحت خطة سان فرانسيسكو في تجنب مشاهد تشويه جولة الشعلة التي صاحبتها أثناء مرورها من لندن وباريس ، حيث خرج ناشطو حقوق الانسان في مظاهرات احتجاجية ضد سياسات الصين في التبت والسودان وميانمار ومناطق أخرى.
ولكن النتيجة كانت بعيدة تماما عن الاحتفال الذي عادة ما كان يميز مرور الشعلة من أي مدينة.
وبدلا من مرور الشعلة بكل زهو وفخر أمام جموع الجماهير المهللة ، فقد نقلت تحت غطاء سميك من السرية في كل دقيقة تقريبا من مسيرتها بمحطتها الوحيدة في قارة أمريكا الشمالية.
وذكرت محطة "كيه.إن.بي.سي" التليفزيونية المحلية أن تغيير مكان الاحتفال تم من قبل مسئولين فيدراليين وبالتنسيق التام مع الحكومة الصينية.
وأدان عدد كبير من المواطنين ، ممن اصطفوا ولساعات طويلة سواء لتحية الشعلة أو الهتاف ضدها ، تغيير مسار جولتها. كما أدان المعارضون السياسيون لعمدة سان فرانسيسكو جافين نيوسوم تغيير مسار الشعلة.
وقال آرون بيسكين رئيس مجلس المشرفين بمدينة سان فرانسيسكو "لقد ضلل جافين نيوسوم المؤيدين والمعارضين لجولة الشعلة. فقد أحضر السكان عائلاتهم وأطفالهم لمشاهدة الشعلة .. لقد فعل ذلك حتى تتمكن الصين من قول إن جولة شعلتها الاولمبية كانت رائعة. إنها أسوأ أنواع الحكومات ، فهي حكومة خداع وتضليل".
بينما دافع نيوسوم عن خطته المثيرة للجدل قائلا "شعرنا أنه من مصلحة الجميع أن نغير مسار الجولة .. أعتقد أننا منحنا المواطنين حق الاعتراض أو التأييد للشعلة. وقد كان هذا واضحا في الشوارع. لم نمنع أحد عن ممارسة حقه في الاعتراض".
كما أشاد بيتر أويبيروث رئيس اللجنة الاولمبية بالولايات المتحدة بالمجهودات التي بذلت أمس لتجنب اعتراض طريق الشعلة وقال "ستحظى مدينة سان فرانسيسكو ، من المنظور العالمي ، بالاشادة على هذا المجهود".
جاك روج رئيس اللجنة الاولمبية الدولية فبعد المشاكل التي واجهتها جولة الشعلة في كل من لندن وباريس هذا الاسبوع ، فقد وصف الوضع في سان فرانسيسكو بأنه "أفضل بكثير".
وقال روج في اجتماع للجنة الاولمبية الدولية ببكين "ولكنه مع ذلك لم يكن ذلك الاحتفال المبهج الذي تمنيناه للشعلة".
ووصفت صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل" أبرز صحف مدينة سان فرانسيسكو تغيير مسار الشعلة بالمدينة قائلة "يالها من خيبة أمل".
وأضافت الصحيفة "لقد تحولت مسيرة الشعلة إلى مجرد مشهد يكتظ بالوجود الأمني المكثف لتفادى آلاف الاشخاص الذين خرجوا لمشاهدة الشعلة لكننا لم نعرف مكانها".
وصرحت الشرطة بأن المسئولين قرروا إجراء هذه التغييرات على مسار الشعلة بعدما اصطف آلاف المتظاهرين على طول الطريق الاصلي للشعلة بسان فرانسيسكو وأغلقوا بالفعل بعض نقاط مرور الشعلة.
واندلعت مصادمات صغيرة صباح أمس بعد مواجهات بين مؤيدي الصين الذين رفعوا أعلام حمراء ضخمة و المتظاهرين المحتجين على سياسات الصين.
وكان "كذابون .. كذابون .. كذابون " هو الهتاف الذي ردده مئات الأمريكيين من أصول صينية في وجه المحتجين الذين حملوا أعلام التبت ولافتات كتب عليها "إنقذوا دارفور".
وفى أماكن أخرى ، افترش أشخاص مدثرين بعلم التبت الشوارع فى مسعى لعرقلة مرور الشعلة.
وانضم إلى هذا المزيج المتقلب عدد كبير من أبناء الجالية الصينية الضخمة بمدينة سان فرانسيسكو الذين يرى الكثيرون منهم في استضافة الصين لدورة الالعاب الاولمبية مصدر فخر عرقي.
ونشرت سيارات الاسعلاف في نقاط استراتيجية على طول الطريق المخطط سلفا لمرور الشعلة به ، بينما وضعت الشرطة حواجز للسيطرة على الحشود الجماهيرية وتأمين طريق الشعلة الممتد إلى عشرة كيلومترات.
وتعهد معظم المتظاهرين بالتزام الهدوء وبعدم محاولة اعتراض مسيرة الشعلة كما حدث في لندن وباريس.
وكان أعضاء اللجنة الاولمبية الدولية قد استبعدوا أمس الاربعاء اختصار الجولة الدولية للشعلة الاولمبية برغم ما أعاقها من مظاهرات احتجاجية.